من هو صانع القرار في صندوق النقد الدولي؟صندوق النقد الدولي مسؤول أمام بلدانه الأعضاء، وهي مسؤولية تمثل
عنصراً لازماً لتحقيق فعاليته. ويتولى القيام بأعمال الصندوق اليومية مجلس
تنفيذي يمثل البلدان الأعضاء البالغ عددهم 183 بلداً، وهيئة موظفين دوليين
يقودهم المدير العام وثلاث نواب للمدير العام – علماً بأن كل عضو في فريق
الإدارة يتم اختياره من منطقة مختلفة من العالم. وتأتي الصلاحيات المفوضة
للمجلس التنفيذي في تسيير أعمال الصندوق من مجلس المحافظين، صاحب السلطة
الإشرافية العليا.
و
مجلس المحافظين، الذي يضم ممثلين لكل البلدان الأعضاء، هو صاحب
السلطة العليا في إدارة صندوق النقد الدولي، وهو يجتمع في العادة مرة
واحدة سنوياً خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ويقوم كل بلد عضو بتعيين محافظ – عادة ما يكون هو وزير المالية أو محافظ
البنك المركزي في ذلك البلد – ومحافظ مناوب. ويبت مجلس المحافظين في قضايا
السياسات الكبرى، ولكنه فوض المجلس التنفيذي في اتخاذ القرارات المتعلقة
بأعمال الصندوق اليومية.
ويجري النظر في قضايا السياسات الأساسية المتعلقة بالنظام النقدي الدولي مرتين سنوياً في إطار لجنة من المحافظين يطلق عليها اسم
اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، (وهي التي كانت تعرف باسم اللجنة المؤقتة حتى سبتمبر 1999). أما
لجنة
التنمية، وهي لجنة مشتركة بين مجلس محافظي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فهي
تقدم المشورة إلى المحافظين وترفع إليهم تقاريرها حول سياسات التنمية
والمسائل الأخرى التي تهم البلدان النامية.
ويتألف
المجلس التنفيذي من 24 مديراً، ويرأسه المدير العام
للصندوق؛ ويجتمع المجلس التنفيذي عادة ثلاث مرات في الأسبوع في جلسات
يستغرق كل منها يوماً كاملاً، ويمكن عقد اجتماعات إضافية إذا لزم الأمر،
وذلك في مقر الصندوق في واشنطن العاصمة. وتخصص مقاعد مستقلة في المجلس
التنفيذي للبلدان المساهمة الخمسة الكبرى – وهي الولايات المتحدة واليابان
وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة – إلى جانب الصين وروسيا والمملكة
العربية السعودية. أما المديرون الستة عشر الآخرون فتتولى انتخابهم
مجموعات من البلدان تعرف باسم الدوائر الانتخابية
(constituencies) لفترات مدتها عامين
.
ويقوم موظفو صندوق النقد الدولي بإعداد معظم الوثائق التي تمثل الأساس
لمداولات المجلس التنفيذي، وهو ما يتم في بعض الأحيان بالتعاون مع البنك
الدولي، وتقدم الوثائق إلى المجلس بعد موافقة إدارة الصندوق عليها، وإن
كان هناك بعض الوثائق يقدمها المديرون التنفيذيون أنفسهم. وفي السنوات
الأخيرة، بدأت إتاحة نسبة متزايدة من وثائق المجلس التنفيذي للاطلاع العام
من خلال النشر في موقع الصندوق على شبكة الإنترنت (
www.imf.org).
وعلى عكس بعض المنظمات الدولية الأخرى التي تعمل على أساس تمتع كل بلد
بصوت واحد، (مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة)، فإن صندوق النقد الدولي
يطبق نظاماً للتصويت المرجح، فكلما زادت حصة بلد عضو في الصندوق – والحصة
تحدد عموماً على أساس حجمه الاقتصادي – كان عدد أصواته أكبر (راجع الفصل
التالي المعنون
"من أين يحصل صندوق النقد الدولي على أمواله؟").
غير أن المجلس التنفيذي نادراً ما يتخذ القرارات بالتصويت الرسمي، وإنما
يتخذ معظم قراراته استناداً إلى توافق الآراء بين أعضائه، ويجري تأييد هذه
القرارات بالإجماع.
ويضطلع المجلس التنفيذي باختيار
المدير العام، الذي يتولى رئاسة
المجلس إلى جانب قيادته لخبراء وموظفي الصندوق وتسييره لأعماله بتوجيه من
المجلس التنفيذي. ويعين المدير العام لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد،
ويساعده في عمله نائب أول ونائبان آخران.
والعاملون في صندوق النقد الدولي موظفون مدنيون دوليون مسؤولون أمام
الصندوق، وليس أمام سلطاتهم الوطنية. ويعمل بالصندوق حوالي 2800 موظف
ينتمون إلى 133 بلداً. ويشكل الاقتصاديون ثلثي الموظفين الفنيين في
الصندوق تقريباً. ويضم الصندوق 22 إدارة ومكتباً يرأسها مديرون مسؤولون
أمام المدير العام. ومعظم موظفي الصندوق يعملون في واشنطن العاصمة، وإن
كان هناك حوالي ثمانون ممثلاً مقيماً للصندوق في البلدان الأعضاء للمساعدة
في تقديم المشورة بشأن السياسة الاقتصادية. وللصندوق مكاتب في باريس
وطوكيو للاتصال بالمؤسسات الدولية والإقليمية الأخرى ومنظمات المجتمع
المدني، كما أن له مكاتب في نيويورك وجنيف هدفها الأساسي الاتصال بالهيئات
الأخرى في منظومة الأمم المتحدة.
من أين يحصل صندوق النقد الدولي على أمواله؟لمصدر الرئيسي لموارد صندوق النقد الدولي هو اشتراكات الحصص (أو رأس
المال) التي تسددها البلدان عند الانضمام إلى عضوية الصندوق أو في أعقاب
المراجعات الدورية التي تزاد فيها الحصص. وتدفع البلدان 25% من اشتراكات
حصصها بحقوق السحب الخاصة (راجع
الإطار 3)
أو بإحدى العملات الرئيسية، مثل دولار الولايات المتحدة أو الين الياباني.
ويمكن للصندوق أن يطلب إتاحة المبلغ المتبقي، الذي يدفعه البلد العضو
بعملته الوطنية، لأغراض الإقراض حسب الحاجة. وتحدد الحصص ليس فقط مدفوعات
الاشتراك المطلوبة من البلد العضو، وإنما أيضاً عدد أصواته وحجم التمويل
المتاح له من الصندوق ونصيبه من مخصصات حقوق السحب الخاصة.
والهدف من الحصص عموماً هو أن تكون بمثابة مرآة لحجم البلد العضو
النسبي في الاقتصاد العالمي؛ فكلما ازداد حجم اقتصاد العضو من حيث الناتج
وازداد اتساع تجارته وتنوعها، ازدادت بالمثل حصته في الصندوق. والولايات
المتحدة الأمريكية، أكبر اقتصاد في العالم، تسهم بالنصيب الأكبر في صندوق
النقد الدولي حيث تبلغ حصتها 17.6% من إجمالي الحصص. أما سيشيل، أصغر
اقتصاد في العالم، فتسهم بحصة مقدارها 0.004%. وقد بدأ تنفيذ ما خلصت إليه
مراجعة الحصص (الحادية عشرة) في يناير 1999، فازدادت الحصص في صندوق النقد
الدولي (لأول مرة منذ عام 1990) بمقدار 45% تقريباً لتبلغ 212 بليون وحدة
حقوق سحب خاصة (حوالي 290 بليون دولار أمريكي).
ويجوز للصندوق الاقتراض، عند الضرورة، من أجل تكميل الموارد المتاحة من
حصصه. ولدى الصندوق مجموعتان من اتفاقات الاقتراض الدائمة لاستخدامها عند
الحاجة لمواجهة أي تهديد للنظام النقدي الدولي:
- الاتفاقات العامة للاقتراض (GAB) التي تم إنشاؤها في عام
1962 ويشارك فيها أحد عشر مشتركاً (حكومات مجموعة البلدان الصناعية العشرة
وسويسرا أو بنوكها المركزية)؛
- الاتفاقات الجديدة للاقتراض (NAB) التي تم استحداثها في عام 1997 ويشارك فيها 25 بلداً ومؤسسة.
وبموجب مجموعتي الاتفاقات هاتين، يتاح لصندوق النقد الدولي اقتراض ما
يصل إلى 34 بليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 46 بليون دولار أمريكي).
الإطار 3
ما هي وحدة حقوق السحب الخاصة؟وحدة
حقوق السحب الخاصة (SDR)، هي أصل احتياطي دولي أنشأه
الصندوق في عام 1969 (بموجب التعديل الأول لاتفاقية تأسيسه) نتيجة لقلق
البلدان الأعضاء من احتمال عدم كفاية المخزون المتوفر آنذاك والنمو
المتوقع في الاحتياطيات الدولية لدعم التوسع في التجارة العالمية. وكانت
أهم الأصول الاحتياطية في ذلك الحين هي الذهب ودولار الولايات المتحدة
الأمريكية، ولم يشأ الأعضاء أن تعتمد الاحتياطيات العالمية على إنتاج
الذهب بما ينطوي عليه من تقلبات كامنة، وعلى العجز المتواصل في ميزان
مدفوعات الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي كان مطلوباً لتحقيق نمو مستمر
في الاحتياطيات بالدولار الأمريكي. وتم استحداث حقوق السحب الخاصة كأصل
احتياطي تكميلي يمكن لصندوق النقد الدولي "تخصيصه" للبلدان الأعضاء بصفة
دورية حين تنشأ الحاجة. كما يمكن له إلغاؤه إذا ما اقتضت الضرورة.
وحقوق السحب الخاصة – التي تعرف أحياناً باسم "الذهب الورقي" رغم
تجردها من الوجود المادي – يتم تخصيصها للبلدان الأعضاء (في صورة قيود
دفترية) كنسبة مئوية من حصصها. وقد خصص الصندوق حتى الآن 21.4 بليون وحدة
حقوق سحب خاصة (حوالي 29 بليون دولار أمريكي) للبلدان الأعضاء، وكان آخر
تخصيص هو الذي تم في عام 1981 عندما تم تخصيص 4.1 بليون وحدة حقوق سحب
خاصة لعدد 141 بلداً كانت هي أعضاء الصندوق في ذلك الحين. ومنذ عام 1981،
لم ير الأعضاء حاجة لإجراء تخصيص عام آخر لحقوق السحب الخاصة، وهو ما يرجع
في جانب منه إلى نمو أسواق رأس المال الدولية. ولكن في سبتمبر 1997، مع
ازدياد عدد البلدان الأعضاء في الصندوق – التي تضمنت بلداناً لم تكن قد
تلقت أي تخصيص بعد – اقترح مجلس المحافظين إدخال تعديل رابع على اتفاقية
تأسيس الصندوق. وعند الموافقة على هذا التعديل بالأغلبية المطلوبة من
أصوات الحكومات الأعضاء، فسوف يصرح الصندوق بإجراء تخصيص خاص لمرة واحدة
"لتحقيق المساواة" بمقدار 21.4 بليون وحدة حقوق سحب خاصة، على أن يتم
توزيعها على نحو يرفع نسبة مخصصات كل الأعضاء من حقوق السحب الخاصة
التراكمية إلى حصصها لتصل إلى مستوى معياري مشترك.
ويجوز للبلدان الأعضاء في الصندوق استخدام حقوق السحب الخاصة في
المعاملات مع بعضها البعض، ومع 16 حائزاً "مؤسسياً" لحقوق السحب الخاصة،
ومع الصندوق. كذلك فإن وحدة حقوق السحب الخاصة هي وحدة الحساب التي
يستخدمها الصندوق. وتستخدم حقوق السحب الخاصة كوحدة حساب أو كأساس لوحدة
الحساب في عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والاتفاقات الدولية.
وتتحدد قيمة وحدة حقوق السحب الخاصة يومياً باستخدام سلة من أربع عملات
رئيسية هي اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني والدولار الأمريكي.
وفي أول أغسطس 2001، كانت وحدة حقوق السحب الخاصة تساوي 1.26 دولار
أمريكي. وتجري مراجعة العملات المكونة للسلة كل خمس سنوات لضمان تمثيلها
للعملات المستخدمة في المعاملات الدولية والتأكد من أن الأوزان المحددة
للعملات تعكس أهميتها النسبية في النظم المالية والتجارية العالمية.